عرضت صحيفة (آي نيوز) البريطانية الإلكترونية مقال رأي للكاتب مايكل داي يستعرض فيه الأخطار جراء تهديدات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستخدام الأسلحة النووية ضد المعسكر الغربي الذي يصطف ضده في الحرب الروسية على أوكرانيا.
بدأ الكاتب مقاله بالقول إنه إذا كان هناك غريزة واحدة، يفهم طبيعتها الضابط السابق في جهاز المخابرات الروسية (كي جي بي) فلاديمير بوتين، فهي الخوف، فبوتين -وفقًا للكاتب- يعلم جيدًا كيف يثير خوف منافسيه ويستغله، عن طريق توجيه تهديدات مباشرة أو غير مباشرة بالعنف ضد الأفراد والمؤسسات، وحتى الدول بأكملها التي تتحدى سلطته.
ويسرد الكاتب آراءه في السياسة الداخلية للرئيس الروسي، قائلًا إن بوتين لم يكن بحاجة إلى إنشاء معتقلات جولاغ -على الأقل حتى الآن- على غرار الزعيم السوفيتي السابق جوزيف ستالين، إلا أنه يُحكم سيطرته داخل البلاد، من خلال تنفيذ اغتيالات غامضة، مثل اغتيال صحفية التحقيقات آنا بوليتكوفسكايا التي قتلت في موسكو عام 2006، أو من خلال التضييق الشديد على معارضيه مثل المعارض السياسي أليكسي نافالني.
ويضيف داي أن بوتين يكتسب ولاء المسؤولين الكبار عن طريق إثارة الخوف، إما منه هو شخصيًّا أو من بعضهم البعض، اعتمادًا على سياسة “فرق تسُد”، وفقًا للكاتب.
ويمضي الكاتب قائلًا إن استراتيجية بوتين تلك، تجاوزت حدود الداخل الروسي، فبمجرد أن تحرز أوكرانيا انتصارًا ما على الأرض أمام القوات الروسية، تنطلق التهديدات الروسية مباشرة باستخدام الأسلحة النووية، وهو -كما يرى الكاتب- تهديد فارغ، مستدلًّا بموقف الصين، الحليف الرئيسي لبوتين، التي أبلغته بعدم القيام بذلك، حتى أنه من غير الواضح -وفقًا لداي -ما إذا كانت روسيا قادرة على إطلاق تلك الأسلحة.
ونقل الكاتب تصريحات لبعض مسؤولي الاستخبارات في حلف شمال الأطلسي (ناتو) بأنهم سيتمكنون من رصد وسائل الإطلاق أثناء التحرك واستهدافها قبل إطلاق الصواريخ.
أما الاستخدام الروسي المحتمل لمثل هذه الأسلحة من وجهة نظر الكاتب، فسيستدرج الناتو ليكون طرفًا مباشرًا في الحرب الأوكرانية، مما قد يؤدي إلى تدمير الأسطول الروسي في البحر الأسود، وهو ما لا يرغب الرئيس الروسي في حدوثه.
وفي سياق رد الفعل الغربي إزاء هذه التهديدات، يقول الكاتب إن الوعد الأمريكي “بعواقب كارثية” في حال استخدمت روسيا الأسلحة النووية، هو أفضل دفاع لدى الغرب حتى الآن، على الرغم من أن بعض الخبراء اقترحوا أن يطور الغرب قدراته النووية القتالية لمواجهة هذه التهديدات.
ويردف قائلًا، إن التهديد النووي الأكبر قد ينتج عن هجوم روسي تحت علم مزيف على إحدى محطات الطاقة النووية، وفي هذه الحالة، ستتمكن روسيا من إحداث مستويات دمار مماثلة وربما أكبر من السلاح النووي، ولكن مع فرصة لنفي تورطها في الهجوم.
ويستطرد الكاتب بأن العامل الأخلاقي لن يردع بوتين، فقد أعطى الكرملين من قبل الضوء الأخضر لنظام الرئيس السوري بشار الأسد باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين في سوريا، وهو -وفقًا للكاتب- ما يخدم استراتيجية بوتين في تخويف الغرب وأوكرانيا.
يقول الكاتب إن هناك فجوة بين وعود الغرب وأفعاله لمساعدة أوكرانيا، فخلال العام الأول من الحرب الروسية، أظهر الغرب خشية من هزيمة بوتين ومن ابتزازه النووي من خلال تزويد أوكرانيا بالقليل من الأسلحة.
ويذكّر الكاتب بما أقدم عليه الغرب قبل اندلاع الحرب الروسية في فبراير/شباط من العام الماضي، عندما فرض قيودًا على صادرات أسلحة إلى أوكرانيا خشية استفزاز بوتين.
ويضيف الكاتب أن إعلان بوتين، في أبريل/نيسان، خطته لنشر أسلحة نووية في بيلاروسيا المجاورة، اعتُبر على نطاق واسع تهديدًا ضمنيًّا باستخدام السلاح النووي، ولكنه اعتُبر أيضًا تعزيزًا لقبضة الرئيس الروسي على بلد آخر سيبقى مستقبله رهينة للكرملين.