
أكد تقرير نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية، الأربعاء، أن تجارة السلاح التي كانت تدر مليارات الدولارات على روسيا، انهارت العام الماضي، بعدما سجلت انخفاضًا إلى مستويات غير مسبوقة.
التقرير الذي أعده الباحث الأول في معهد بيترسون الأمريكي للدراسات الاقتصادية والدولية، كالين هندريكس، يقول إنه بعدما ازدهرت تجارة الأسلحة الروسية خلال العقود المنصرمة، ووصلت إلى مستويات مرتفعة جدًا بعد عام 2010، تشهد حاليًا تراجعًا كبيرًا بحيث وصلت إلى مستويات هي الأدنى منذ انهيار الاتحاد السوفيتي السابق.
ويشير التقرير إلى أن جريدة وول ستريت جورنال، اعتبرت أن هذا الأمر يمكن احتسابه “ضمن خسائر الحرب الروسية في أوكرانيا”، مضيفًا أن تراجع صادرات السلاح الروسي، بدأت منذ عام 2019، الذي شهد تراجعًا وصلت نسبته إلى نحو 20% مقارنة بصادرات عام 2011، العام الذي شهد أضخم صادرات للسلاح الروسي على الإطلاق، عندما اقترب حجمها من صادرات السلاح الأمريكية، في العام نفسه، ووصلت فيه أسلحة موسكو إلى 35 دولة.
ويواصل هندريكس القول إن صادرات السلاح الروسية تراجعت حاليًا أكثر من 70%، واقتصرت على 12 دولة، موضحًا أنه لولا آثار الحرب الروسية في أوكرانيا لكان من الممكن أن تبقى منتعشة مدة أطول، لكن الوضع الحالي، يثير الشكوك حول وضع روسيا على الساحة الدولية.
ويشير الكاتب إلى النصيحة التي وجهتها الكاتبة ماريا سينيغوفايا في واشنطن بوست للعالم الغربي، بأن “يتعامل مع روسيا بشكل مباشر على أساس أنها دولة نفطية، لا قوة عظمى”، مضيفًا أن تراجع صادرات السلاح الروسية، صاحب ظاهرة أخرى وهي تزايد اعتماد الصناعة الروسية على السوقين الهندية والصينية، لتوريد السلاح، بحيث أصبح القطاع يعتمد عليهما بشكل كبير. لكن الهند والصين تعملان في الوقت نفسه على تطوير صناعة السلاح الوطنية، ما يلقي بالشكوك على مستقبل السلاح الروسي.

ويذكر التقرير بأن الجزائر كانت بين كبار مستوردي السلاح من روسيا مع بداية القرن، كما تدفقت هذه الأسلحة أيضًا في الدول التي انفصلت عن الاتحاد السوفيتي السابق، ومولتها عائدات بيع النفط، في كل من أذربيجان وتركمانستان، وبدأت دول المنطقة تخزين الأسلحة والدبابات الروسية والمروحيات والصواريخ بكل أنواعها.
ويواصل هندريكس أنه في هذا الوقت بدأت موسكو توسيع أسواقها، كما فعلت مع الرئيس الفنزويلي السابق، هوغو تشافيز، والرئيس السوري بشار الأسد، وأسهمت الأسلحة الروسية في تصاعد الحرب، وشاركت في أعنف المعارك التي شهدتها الحرب الأهلية، في الوقت الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة، ودول الاتحاد الأوربي حظرًا على توريد السلاح لدمشق.
ويرى الكاتب أن تراجع مبيعات السلاح الروسي، يعد سببًا وعرضًا في الوقت نفسه، لتآكل الدور الروسي على الساحة السياسية الدولية، حيث تعد صفقات السلاح، وما يندرج ضمنها من مساعدات عسكرية أسلوبًا من أساليب اكتساب التأثير وتنفيذ السياسات، وهو الأمر الذي تعتمده الولايات المتحدة مع مصر وإسرائيل، منذ أقنعت الجانبين بتوقيع اتفاق السلام، قبل أكثر من 50 عامًا.
ويخلص هندريكس إلى أن الحرب في أوكرانيا أظهرت صورة ضعيفة للتكنولوجيا العسكرية الروسية، وأصبحت صور الدبابات التي طارت أبراجها، متداولة في وسائل الإعلام، إضافة إلى معدلات الفشل العالية للصواريخ الروسية في إصابة أهدافها، بحيث تحولت الحرب بأكملها إلى حملة من الدعاية المضادة للصناعات العسكرية الروسية.
ويختم هندريكس بالقول إن “الحرب في أوكرانيا ربما وجّهت طعنة لصناعة السلاح الروسية المهتزة، لكن أسباب الانهيار تراكمية، واستمرت نحو عقد كامل من الزمن، وليست هناك طريق واضح لإعادتها إلى المسار السابق”.
