شكراً السيد الرئيس، وأستسمحكم بأن أتلو عليكم نص الرسالة التي يوجهها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، إلى جمعكم الموقر هذا.
بداية نص الرسالة الرئاسية:
بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب المعالي والسعادة،
ممثلو الدول الأعضاء في مجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي،
ممثلو مجموعة الدول الإفريقية الأعضاء في مجلس الأمن،
ممثلو أصدقاء الندوة وشركائها،
ممثلو الاتحاد الإفريقي ومنظمة الأمم المتحدة،
الحضور الكريم،
1- من على أرض الجزائر التي طالما احتضنت قضايا القارة الإفريقية، أحييكم أطيبَ تحية، وأرحبُ بكم ترحيبَ الأخِ بأشقائه، ترحيبَ المُضيفِ الذي يتشرف باستقبالكم ببلدكم الثاني وبالباهية وهران التي اخترتُموها مقراً دائماً لهذه الندوة، واجْتَبَيْتُمُوها عاصمةً للعمل الإفريقي المشترك.
2- أرحب بكم في هذا الحدث الذي لا يمثل مجرد اجتماع، بل يحمل رمزيةَ الالتزام، ودلالةَ الوحدة، ورسالةً للعالم أجمع. رسالةٌ مَفادُها أن إفريقيا عازمة، وأن إفريقيا مُوحدة، وأن إفريقيا قادرة على إسماع صوتٍ قويٍ، مُدَوٍّ وَمؤثر في أكثر ساحات العمل الدولي تميزاً وأهميةً، ألا وهو مجلس الأمن الأممي. وما أحوج هذا المجلس اليوم إلى صوتِ الحكمة والعدالة والالتزام، وهو يعاني ما يعانيه من شللٍ شِبْهِ تام، يعكس الواقع المتأزم للعلاقات الدولية.
3- إن العالم يعيشُ اليوم على وَقْعِ تحولاتٍ عميقة وتوترات متزايدة، تدفع بالمنظومة الدولية نحو مفترقِ طُرُقٍ حاسم. كيف لا، ونحن نُعايش التداعيات الوخيمة لسياسة الاستقطاب بين القوى الكبرى، التي باتت تُلقي بظلالها العاتِمَة على استقرار العالم وَأَمْنِه، في تجاوزٍ صارخٍ للشرعية الدولية والقيم التي بُنِيَ عليها النظام الدولي المعاصر.
4- لقد أضحت الانتقائية في تحديدِ الأولويات الأممية والإخلالُ بالمبادئ التي يُفترض أن تُوَحِّدَ البشرية، أمراً هدّاماً بواجبِ الإنصاف وإحقاقِ الحقوق ونُصرةِ المُسْتَضعفين أينما كانوا وحيثُما وجدوا. ولنا في فلسطين الجريحة، وفلسطين المضلومة، وفلسطين المضطهدة، خيرَ كاشفٍ عن الدَّوْسِ على الشرعية الدولية، وأحسنَ دليلٍ على عُمقِ الهُوَّةِ الفاصلة بين المبادئ المُعلنة والتصرفات الفِعلية.
5- إن هذا الواقع الخطير لا يُهَدِّدُ مصيرَ دولةٍ بِعَيْنِها فحسب، بل يُلقي بتبعاتِه على مُستقبلِ المنظومة الدولية بِرُمَّتِها. وإن قارتَنا الإفريقية، التي عانت تاريخيا من شَتَّى أنواع الاضطهاد والظلم والتهميش، لن تقبل بأن تكون ضحيةً لهذه الانتقائية الجديدة التي باتت لدى البعض منهجاً ومقاربةً وأسلوبَ تعاطي مع بعض القضايا الدولية دون غيرها.
6- لقد أثبتت التجربة أن الآلية التي كرَّسَتْهَا هذه الندوة لتعزيز التنسيق الفعال بين مجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي والأعضاء الأفارقة الثلاث بمجلس الأمن هو النهج الأمثل لضمان انعكاسِ المواقف الإفريقية المشتركة في قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالسلم والأمن الدوليين.
7- ومن جهتها، فإن الجزائر، بصفتها عضواً غير دائمٍ بمجلس الأمن، قد كرست السنة الأولى من عهدتها، بالتنسيق مع شَقِيقَتَيْهَا، موزمبيق وسيراليون، لتمثيل القارة على الوجه اللائق بها، حيث لم تدخر جهدا في سبيل تقويةِ تأثيرِ قارتِنا على عمليةِ صُنع القرارات، خاصة تلك التي تَعْنيها بشكل مباشر أو غير مباشر، استناداً إلى مواقِفها المشتركة والمبنية على المبادئ والقيم والمثل التي كرسها الميثاق التأسيسي للاتحاد الإفريقي. وعلى ذات النهج، وبنفس الروح، تتعهد الجزائر بمواصلةِ هذه الجهود خلال السنة الثانية من ولايتِها الحالية بذات المجلس، إلى جانبِ أشقائِها من جُمهوريتي سيراليون والصومال.
8- وأنتم تُباشرون أشغال هذه الطبعة الحادية عشرة من مسار وهران، لا يسعني إلا أن أثمن تثميناً عالياً اختيارَ المواضيع التي ستتم مناقشتُها خلال اجتماعكم هذا. اختيارٌ يجسد حرصَ منظمتنا القارية على مواكبة التحديات الحالية والاستجابة لأولويات قارتِنا في مجالي السلم والأمن، ويعكس عُمْقَ وَعْيِهَا بحجم هذه التحديات، وعلى رأسها التهديد الإرهابي، ومسألة تمويل عمليات دعم السلام، والآفاق التي يفتحها ميثاق المستقبل أمام إفريقيا من أجل إنهاءِ الظلم التاريخي الواقع عليها وتمكينِها من الحصول على تمثيل عادلٍ في مجلس الأمن الأممي.
السيدات والسادة،
9- إنني أُجَدِّدُ أمامكم التزامَ بلادي الثابت بدعم كل جهدٍ يُسْهِمُ في التعبير بصوتٍ واحدٍ وموحد عن مصالح القارة الإفريقية. ومثلما عَهِدْتُّمُوها على الدوام، فإن الجزائر لن تكون إلا فاعلاً يَجمع ولا يفرق، وسنداً يَدْعَمُ ولا يَخْذُلْ، وصوتاً يَعْلُو ولا يَخْفُتْ في الدفاع عن هموم وقضايا وتطلعات دولنا مجتمعةً تحت قبة منظمتنا القارية.
10- وختاماً، أود أن أُعْرِبَ لكم عن خالص تمنياتي بتمام النجاح لأشغال اجتماعكم هذا، آملاً أن يكون مُنطلقا متجدِّداً لقراراتٍ تُعَبِّدُ الطريق الأسلم نحو مستقبلٍ أفضل لقارتنا، مستقبلٌ تُحترمُ فيه مصالحُها وتُسمَعُ فيه كلمتُها وتُحقَّقُ فيه طُموحاتُها وتطلعاتُها.
11- والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
12- انتهى نص الرسالة الرئاسية. شكراً لكم، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.