بقلم : امال ايزة ” الشارقة”

شهدت فعاليات أيام الشارقة التراثية بدورتها ال 19، افتتاح كلباء لحضور الإفتتاح عليه الشيخ هيثم بن صقر القاسمي نائب رئيس مكتب سمو الحاكم بكلباء ، وبحضور رئيس معهد الشارقة للتراث رئيس اللجنة العليا المنظمة الدكتور عبدالعزيز المسلم ، و الدكتور سليمان سرحان الزعابي رئيس المجلس البلدي لمدينة كلباء، وجمع غفير من كبار المسؤولين والجمهور الذي توافد من مختلف مدن ومناطق الساحل الشرقي, وتعتبر هذه المدينة جاذبة بطبيعتها منذ القدم و هي من المدن التي كانت و لاتزال تستقطب السكان و السياح من شتى لمناطق بسبب طبيعتها الساحرة وموقعها المتميز فهي تحتوي على الكثير من المواقع التراثية التي لها تاريخ كبير و قديم . 

بهذا الشأن أفاد أحمد محمد الدح، منسق افتتاحات أيام الشارقة التراثية في المنطقة الشرقية: “إن الفعاليات التراثية الرائعة في القرية التراثية ستستمر لغاية 25 مارس الجاري، حيث سيتاح للجمهور الاستمتاع بسلسلة متنوعة من فنون التراث والموروث الشعبي بما فيها من عروض وأهازيج ورقصات شعبية وفلكلورية وحرف تقليدية ومسابقات وألعاب شيقة للأطفال، كما يمكنهم تجربة الأطباق والمأكولات التي تعرضها 15 مطعماً من خلال الأركان والأجنحة المشاركة في المهرجان فضلاً عن مساحات رحبة للمعروضات الشعبية الأخرى والمقتنيات التراثية النادرة، بالإضافة إلى فرصة التعرف على مفردات ومكونات البيئات الإماراتية الأربعة البحرية منها والزراعية والجبلية والساحلية ومختلف المواقع التراثية”.

وأضاف الدح: يحظى مهرجان هذا العام بمُشاركات متنوعة ونوعية من مُختلف الدوائر والمؤسسات الحكومية تحت سقف القرية التراثية في كلباء، حيث يشارك في فعاليات الأيام نحو 18 دائرة حكومية بأنشطة وبرامج متنوعة، فيما تشارك 20 أسرة منتجة بأركانها الخاصة بها، إلى جانب مشاركة 3 متاحف خاصة للمواطنين، في حين سيكون الجمهور طوال الأيام على موعد مع جرعات نقاشية في فنون الثقافة والتراث والفكر في المقهى الثقافي، حيث الندوات الأدبية والمحاضرات القيمة، أما قسم الإدارة الأكاديمية فيقدم تعريفًا وافيًا بالإدارة ودورها وبرامجها، سواء في ترميم المخطوطات أو غيرها، وهناك أيضاً قسم الإرشاد السياحي لمدينة كلباء، وقسم الجمع الميداني الذي يعمل على جمع المعلومات من كبار السن.

وقد تجولنا  بمختلف أجنحة المعرض حيث إلتقينا بمسؤولة جناح قسم المواقع الأثرية في معهد الشارقة للتراث بكلباء هنادي درويش الخوري التي أشارت أن المنطقة تحتوي على العديد من المواقع الأثرية و التراثية و التاريخية تنقسم إلى عدة أقسام منها الأشجار المعمرة التي يفوق عمرها 100 سنة و القلاع و الحصون و الأبراج التاريخية .

وبالباحثة في التراث و الفنانة التشكيلية السيدة عائشة سالم محمد الجابري التي قدمت لنا بعض الشروحات عن معرضهم الخاص بالتشكيل و الزخارف التراثية حيث تم عرض 8 قطع  وحسبها تلك الزخارف متعارف عليها بكل دول الخليج وليس فقط بدولة الإمارات وهي مستوحاة من البيئة التي التي عاش فيها الفنان التشكيلي القديم فأخذت مسمياتها من الشكل الخارجي لها كزخرفة أصابع العروس و البيدامة أي شجرة اللوز و الموزة نسب لفاكهة الموز و و المباخر نسبة للمباخر القديمة التراثية كما شاركت بزخارف حديثة تماشيا مع شعار الدورة التراث و المُستقبل .

ثم توجهنا إلى جناح الإدارة الأكاديمية الخاصة بترميم المخطوطات و التابعة لمعهد الشارقة للتراث أين إلتقينا بالمدير الأكاديمي أ. بدرية الحوسني و نائب المدير الأكاديمي  الدكتورة بسمة كشمولة و بخبير ترميم المخطوطات حسن مملوك الذي أشار انهم أحضروا معهم أربع نماذج لوثائق قبل عملية الترميم و بعدها يقدر عمرها ب 200 سنة بالإضافة إلى توضيح عملية صناعة ورق الترميم التي تعد الأولى على مستوى الدولة بتوفيرها لجميع المؤسسات المعنية بالمحتويات الورقية بالإضافة إلى صناديق خاصة بحفظ المخطوطات مصنوعة من مواد طبيعية خالية من أي مواد أسيدية و كيميائية  و الهدف الأسمى هو المحافظة على المخطوط بعيدا عن أي مادة كيميائية قد تدر به  .

إستقبال حار للوفد الجزائري  بجناح نادي سيدات الشارقة فرع كلباء

حظينا  بإستقبال حار بجناح نادي سيدات الشارقة فرع كلباء حيث شاركنا بجلسة وورشة خاصة بالتلوين  و الرسم على السرود و إلتقينا بالشاعرة عائشة سعيد الزعابي التي تنقل التراث بصورة رائعة للفتيات و الأجيال الصاعدة و إلتقينا بالمعلمة عفراء عبد المهيمن معلمة قسم الفنون و التشكيل التي جعلتنا نشارك في تلوين السرود و تعرفنا على بعض اللوحات الفنية و الأشغال اليدوية منها كذلك المباخر الرائعة التي انجزها الطلبة و سيدات النادي بحضور الأستاذة موزة محمد الوشاحي مديرة فرع  كلباء لنادي سيدات الشارقة و الأستاذة حليمة المراشدة مسؤولة قسم العلاقات العامة  و توجهنا بعدها إلى جناح إدارة التنمية الأسرية فرع كلباء أين إلتقينا بمديرة فرع كلباء لإدارة التنمية الأسرية السيدة خديجة النقبي ورحبت بدورها بالجريدة ووجهت تحية لكل الزوار منهم من الجالية الجزائرية و أهدتنا وردة عربون أخوة ومحبة و قدمت بعض الشروحات عن مُشاركتهم التي تمثلت في تنظيم ورشات رسم للأطفال و كتب و إصدارات فضلا عن تقديم معرض خاص بحق الليلة نصف شعبان وورش فنية تراثية منها : تراثي هويتي وورش السنع الإماراتي و أخرى خاصة بالحكايات التراثية ” خراريف جدي” فضلا عن تقديم إرشادات وخدمات  للعائلات مباشرة و غير مباشرة وتقديم الضيافة الإماراتية و القهوة العربية و الحلويات  .  

(أدب السيرة الشعبية العربية) ثاني إصدارات سلسلة عالم التراث

في إطار جهود معهد الشارقة للتراث لإغناء المكتبة العربية بالإصدارات التراثية الحديثة والقديمة، وضمن خطة النشر وصناعة الكتاب في المعهد، شهد المقهى الثقافي إطلاق ثاني إصدارات سلسلة “عالم التراث”، والتي أعلن المعهد مؤخراً عن بدء إصدارها، وهي سلسلة مستحدثة يديرها الكاتب والناقد المصري إيهاب الملاح، ضمن مجموعة من السلاسل التراثية التي سيطلقها المعهد تباعاً هذا العام، بهدف إثراء وتنوّع المحتوى التراثي وشموله، حيث تقوم فكرة هذه السلسلة الجديدة على انتخاب مجموعة من العناوين المهمة للكتب القيّمة لأعلام التراث والثقافة في العالم العربي، بهدف بعثها وإعادة إحيائها ونشرها، وجعلها من جديد في متناول القارئ بعد مرور سنين طويلة من إصدارها أول مرة.

وجاء الإصدار الثاني من هذه السلسلة تحت عنوان (مدخل إلى أدب السيرة الشعبية العربية- الجزء الأول) للروائي والباحث فاروق خورشيد رحمه الله، ويتناول الفولكلور والإبداع الدرامي، والسيرة الشعبية والإبداعات الشعبية، حيث قام الكاتب إيهاب الملاح بتوقيع الإصدار الجديد للكتاب وإهدائه لجمهور المقهى الثقافي.

معالم المستقبل يرسمها التراث الأصيل

ضمن سلسلة الجلسات النقاشية اليومية التي يثري بها المقهى الثقافي زوار ساحة التراث في منطقة قلب الشارقة، أكد كل من الباحث والكاتب الإماراتي الدكتور حمد بن صراي، أستاذ التاريخ القديم بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة الإمارات، والباحث والكاتب والإعلامي الجزائري الدكتور خالد عمر بن ققة، والباحث الإماراتي علي حسن آل غردقة، أن التراث لبنة وأداة أساسية في رسم معالم المستقبل وتشكيل ملامحه الرئيسة من خلال ترسيخ الجذور الصحيحة والانطلاق الراسخ من أساس قويم، يجعل من المعرفة الواعية مرتكزاً له في تجاوز النظرة السلبية المتعالية على نتاجه السابق عبر العصور، والانتقال إلى ما يمثله هذا التراث من قيمة تشاركية تزيد من اللحمة الاجتماعية وتحفظ عادات وتقاليد المجتمع وموروثه.

جاء ذلك خلال الجلسة نقاشية التي أدارها الدكتور مني بونعامة، مدير إدارة المحتوى والنشر في معهد الشارقة للتراث.

مداخلة قيمة للدكتور و الإعلامي  الجزائري  خالد بن ققة،

 فقد تحدث عن “إعلام التراث: خطاب الثابت والمتحول” مستعرضاً تأملاته العميقة في الخطاب الإعلامي العربي السائد اليوم، لجهة توظيف التراث بأبعاده الثلاثة: الديني، والتاريخي، والثقافي عبر مختلف وسائل الإعلام، مشيراً إلى أن قضايا التراث أصبحت اليوم بيئة خصبة للنقاش والتداول فيما بين الناس من خلال تناولهم اليومي له، وعبر وسائل الإعلام التي تركز على عنصر التراث في مضامينها وبرامجها المختلفة، في مواقف تتسم بالحدية في النظر إلى هذا العنصر الحضاري من جهتي التقديس أو التدنيس.

ولفت إلى أن هذا الإعلام يغلب عليه الخلط بين الثابت والمتحول في التناول الإعلامي لقضايا التراث، بل الانتصار أحياناً للمتحول على حساب الثابت، لدرجة لم تعد تصورات الراهن للحياة قادرة على التحقق، أو حتى التوقع دون الاتكاء عليها، حيث طغى هوس الاتصال ولا سيما المرئي منه من حيث هو عملية تزداد وسائلها وتتسع مساحتها، وتقل نتائجها من ناحية الفائدة العامة في طريقة التعاطي مع التراث، الأمر الذي يستدعي تكثيف الجهود لضمان تبني إعلام يتناول قضايا التراث ويعيد طرحها بوعي هادف واستحضار مدروس بهدف المساءلة أو الاسترشاد على حد سواء، وفي نفس الوقت المحافظة على حالة شعورية متزنة في التعامل مع قضايا التراث.

واعتبر بن ققة أنه في حين يكون استحضار التراث عند الشعوب الأخرى -حتى لوكان مجرد أساطير أو خرافات لم تعد مقبولة حتى على سبيل الجمع بين المعلومة والمتعة- بهدف التأسيس عليها، ليس فقط لنيل اعتراف أممي بالوجود التاريخي البعيد؛ وإنما للتسليم بقوة ثقافة الحاضر، يأتي استدعاء التراث لدينا إعلاميًا كحالة خلافية تثير القلاقل وتعزز الفرقة والانقسام، حتى في الثوابت التي أثبت التاريخ صحتها النقلية والعقلية.

وفي مجال التراث الموجه للطفل، وتحت عنوان “الكتابة التراثية للأطفال”

 تحدث حسن آل غردقة عن توجيه التراث للأطفال وتشكيل الوعي المبكر بمخزونه الثقافي المميز للهوية والمحافظ على النسيج الاجتماعي، ورأى أن الثورة التكنولوجية الحالية خلقت ردات فعلية واستجابات متنوعة ومتناقضة، وعليه بات من الضرورة إيجاد حصن يحمي المجتمع من هذا الانفتاح المهول الذي صاحب التطور التقني، ونتيجة لما يحمله التراث من قدرة كبيرة على بناء عقلية واعية قادرة على انتقاء المفيد والنافع، وكان لزامًا على الباحثين والدارسين استحداث طرق مبتكرة لرفد الجيل الناشئ بمعززات تراثية في قالب حداثي يحقق أكبر استفادة ممكنة ويحصنهم ضد الاستلاب والركون إلى ثقافات غريبة لا تتماشى مع عادات المجتمع، وهو ما قدمه من خلال موسوعته التراثية الميسرة ذات المحتوى التراثي المتنوع والغني، والتي تواكب التطور الرقمي وتقدم بطرق مبتكرة وبسيطة التراث المحلي الإماراتي.

Share.

Leave A Reply