صرح الرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك رشيد حشيشي خلال حضوره للاشراف على الافتتاح الرسمي لفعاليات الطبعة الثانية عشر من معرض ومؤتمر شمال إفريقيا وحوض الأبيض المتوسط للهيدروجين بمركز المؤتمرات بوهران ان موضوع هذه الطبعة مسألة جوهرية لمستقبل الطاقة العالمي، وهي المسألة المتمثلة في كيفية تحقيق التوازن بين المحروقات والطاقات النظيفة، حيث يكمن الهدف في الوصول الى تحقيق مزيج طاقوي فعال ومستدام، في آن واحد، في الوقت الذي يتّجه فيه العالم بشكل متزايد نحو الطاقات المتجددة. ومن ثمّة، فقد بات من الضروري تطوير حلول متناسقة ومتناغمة تستجيب للطلب المتزايد على الطاقة، من جهة، وتحترم المتطلبات البيئية، من جهة أخرى.
يستند المزيج الطاقوي المتوازن إلى تنويع مصادر الطاقة، بما يسمح بتقليل الاعتماد على مصدر واحد من الطاقة، والتكيف بشكل أفضل مع التقلبات التي تشهدها السوق العالمية. إن هذه المقاربة العملية والواقعية تستند إلى فكرة الإقرار بأن الانتقال نحو طاقات أكثر نظافة لا يعد بالأمر الهين، ولا يمكن بلوغه بين عشية وضحاها، إذ يتطلب ذلك من مجمل الفاعلين تبني هذا الطرح بصفة مُتأنّية وتدريجية.
وفي هذا السياق، ستظل المحروقات تلعب أدوارًا فاعلة في هذا الانتقال، وخاصة الغاز الطبيعي، باعتباره مصدراً للطاقة الأقل تلويثًا مقارنة بالفحم أو النفط.
ومع ذلك، فقد بات واضحا أن الطاقات المتجددة ينبغي أن تكون في صميم استراتيجيتنا على المدى الطويل، على غرار الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر الذي أضحى يحتل أهمية متزايدة. إنّ مصادر الطاقة هذه لا تعد مستدامة فحسب، بل أن تنافسيتها على الصعيد الاقتصادي ما انفكّت، أيضًا، تتزايد شيئا فشيئا. ومن ثمّة، فإن التّحدي الجماعي الذي نواجهه إنّما يَكْمُن في إيجاد الوسائل المناسبة من أجل إدماج هذه الطاقات، بفعالية، في مزيجنا الطاقوي، والعمل في ذات الوقت على تعظيم الاستفادة من مزايا المحروقات التي ما زال الاعتماد عليها قائما.
إن مفتاح نجاح هذا الانتقال الطاقوي يكمن في الابتكار. وبهذا الخصوص فإن تطوير تكنولوجيات أكثر نظافة في مجالات الاستكشاف، والإنتاج، ونقل المحروقات واستخدامها، أضحى أمرا أساسيا من أجل تقليل أثرها البيئي.
كما أن اعتماد تكنولوجيات ملائمة مثل التقاط الكربون وتخزينه (CSC)، وتقنيات الاستخراج الأكثر كفاءة، وتقليص تسربات الميثان، يُمكِن أن تساهم كلها في جعل المحروقات أكثر احتراما للبيئة، مع استمرار دورها لضمان الإمدادات الطاقوية العالمية.
“إن الجزائر، بصفتها واحدة من المنتجين الرئيسيين للمحروقات، تقع عليها مسؤولية كبيرة في مجال الانتقال الطاقوي. فمع توفر موارد طبيعية هائلة ومتنوعة، فمن الضروري استغلال قدراتنا من الطاقات المتجددة”.
ومع ذلك فإن بلدنا يمتلك فرصة فريدة من نوعها، إذ أن شساعة صحرائنا تشكّل ميزة استثنائية لتطوير الطاقة الشمسية، في ذات الوقت الذي يمكن للغاز الطبيعي فيه أن يلعب دورًا حاسمًا في الانتقال نحو مستقبل طاقوي منخفض الكربون.
إن أهداف خفض الانبعاثات الكربونية، وبروز الطاقات المتجددة، والحاجة إلى تقليص بصمتنا الكربونية، تفرض علينا خيارات صعبة لكنها ضرورية.
وفي هذا الشأن، فقد حققت بلادنا بالفعل تقدمًا ملحوظًا من خلال بعث مشاريع تهدف إلى تعزيز البنية التحتية الطاقوية، واستقطاب استثمارات أجنبية في قطاعات المحروقات والطاقات المتجددة. وبالرغم من ذلك، يتوجب علينا أن نقطع أشواطا جديدة في هذا الشأن عبر وضع إطار تنظيمي أكثر تحفيزا من أجل تطوير الطاقات النظيفة.
ضف إلى ذلك، فإن تكوين أيادي عاملة مؤهلة، وكذا إبرام شراكات دولية من أجل نقل التكنولوجيا يعدان بمثابة أولويات مُلحّة. شركة سوناطراك ستساهم، على غرار الطبعات السابقة، من خلال المشاركة الفاعلة والنشطة لعديد المتدخلين في الجلسات الحوارية المنظمة لهذا الغرض، بما يسمح ببروز أفكار جديدة وتوليد أوْجُه تآزر في مختلف الموضوعات المُدرجة على جدول أعمال هذه الطبعة. وإنّي على يقين من أن النقاشات التي ستميّز هذه الجلسات، والتي تتمحور حول رهانات الساعة مثل التوازن بين المحروقات والطاقات النظيفة، ستفتح آفاقًا واعدة ومبتكرة لمستقبل قطاعنا.
متمنيا أن تستجيب العروض التي ستُقدَّم خلال الأيام الثلاثة لهذه الطبعة لآمال الجميع، وأن تفتح آفاقًا رحْبة ومفيدة لمستقبل قطاعنا. وإننا واثقون أنه، من خلال التعاون وتبادل الخبرات وتقاسمها، يمكننا، معا، رفع القادم من التحديات، وبناء مستقبل طاقوي واعد ومستدام.