وجه رئيس الجمهورية السيّد عبد الـمجيـد تبّـون كلمة بمناسبة افتتاح الطّبعة الثّالثة للـمؤتمر الإفريقي للـمؤسّسات النّاشئة، هذا نصها:

بسم الله الرحمن الرحيم والصّلاةُ والسّلامُ على أَشرفِ الـمُرسَلينَ وعلى آله وصحبه إلى يوم الدّين
– أَصْحَاب الـمَعَالي الوُزَرَاء ورُؤساء الوُفود،
– السَيِّدَات الفُضْليَات، السَّـادَة الأفَاضِل،
– ضُيُوف الجَزائر الكِرَام،
السّلامُ عليكُم وَرحمةُ اللهِ تَعَالى وَبَركاتُه

يُسْعِدُنِي أنْ أتَوَجَّه إلَيْكُم بِالتَّحِيَّةِ وَأنْتُم تَجْتَمِعُون في هَذَا اللِّقَاءِ الـمُعَبِّـر عَنْ وَفَاءِ الجزائر التَّاريخي لِرُوحِ التَّعَاوُنِ وَالتَّضَامُنِ الإفريقي وَلِكِفَاح وَنِضَالَاتِ الآبَاء وَالأجْدَاد مِنْ أجْلِ حُرِّيَّة وَكَرَامَة وَازْدِهَار الأفَارِقَة في كلِّ رُبُوعِ القَارَة.

وَانْطِلاقًا مِنْ رُوحِ الوَفَاء تِلْك .. وَكَذَلِك مِنْ الْتِزَامِ بِلادِي بِالعَمَـلِ الإفْريقيِّ الـمُشترك، فَإنَّها تَحْتَضِنُ اليَوْمَ – بِتِرْحَابٍ وَاعْتِزَازٍ – الطَّبْعَةَ الثَّالِثَة لِلْمُؤتَمَر الإفريقيّ لِلْـمُؤَسَّسَاتِ النَّاشِئَة .. وَهي مُنَاسَبَةٌ تُتِيحُ لَكُمْ فُرْصَةَ اللِّقَاء كَجِيلٍ جَدِيدٍ مِنْ بُنَاةِ نَـهْضَةِ إفْرِيقيا الجَدِيدَة ..حَامِلِيـن لِرَايَةِ أسْلافِكُم الَّذينَ – وَعَبْـرَ عُقُودٍ مُرْهِقَةٍ وَظالِمةٍ، عَطَّلَتْ مَسِيرَةَ إفريقيَا، وَاسْتَبَاحَتْ ثَرَوَاتهَا – رَفَضُوا الاسْتِعْلاءَ وَالظُّلْمَ بِالثوْرَةِ على الاسْتِعمارِ وَمُنَاهَضةِ الهَيْمَنَةِ، لِتَبْقَى تَضْحِيَاتُهُم شَاهِدَةً على التَّكْلُفَةِ الدَّامِيَة، الَّتي دَفَعَتْهَا إفريقيا لِتَعِيشَ شُعُوبُهَا حُرَّةً سَيِّدَةً وَمُتَضَامِنَةً.

إنَّ إفريقيا الجَدِيدَةَ النَّاهِضَةَ، الوَفِيَّةَ لِتَضْحِيَاتِ أجْيَالٍ مِنْ الوَطَنِيِّين وَالـمُقَاوِمِين في رُبُوعِ القَارَّة، تُلْهِمُكُم القُدْرَةَ على رَفْعِ التَّحَدّياتِ، وَأَنْتُمْ تَتَوَجَّهُون إلى الـمُسْتَقْبَلِ بِطُمُوحِ الوَاثِقِينَ فـي صِنَاعَةِ النَّجَاحِ، وَالـمُؤَهَّلِينَ لِلْتَّحَكُم فـي تِكْنُولُوجْيَا العَصْر، بِاقْتِحَامِ مَيَادِينِـهَا الأكثَر تَعْقِيدًا، كالذَّكَاءِ الاصْطِنَاعِيّ، الَّذِي لا مَنَاصَّ مِنْ إدْمَاجِهِ فـي مَسَـارَاتِ تَوْطِيدِ اقْتِصَادِ الـمَعْرِفَـة في بُلْدَانِكُم، وَتَوْسِيعِ مَجَالاتِ رِيَادَةِ الأعْمَال، وَنِطَاقِ انْتِشَار الـمُؤَسَّسَاتِ النَّاشِئَـة، كَرَافِعَةٍ ارْتِكَازِيَةٍ للاقْتِصَاد الـمُعَاصِر، ضَامِنَةٍ لِلْنَّجَاعَة وَالـمَرْدُودِيَّة الاقتصادِيَّة، مِثْلَمَا ثَبـَتَ ذَلِكَ فـي اقْتِصَادَاتِ الدُّوَل الـمُتَطوِّرَة ..

وَمَا اخْتِيَارُكُم لِشِعَارِ ” إعَادَةُ تَصَوُّرِ إفريقيا بِالذَّكَاءِ الإصْطِنَاعيّ ” إلّا دَلِيلٌ على وَضْعِ أقْدَامِكُم في الطَّرِيقِ الصَّحِيح، لِـمُوَاكَبَةِ التَّحَوُّلاتِ الـمُتَسَارِعَة في العَالَمِ ..
وَمَا حِرْصُكُمْ على تَنْظِيمِ هَذَا المُؤْتَمَر كَتَقْلِيدٍ مُعَبِّـرٍ عَنْ إرَادَةِ خَلْقِ فَضَاءَاتٍ إفْريقِيَّةٍ حَاضِنَةٍ لِلْحِوَارِ وَالابْتِكَارِ وَالمُبَادَرَة، إلّا تَجْسِيدٌ لإصْرَارِ رُوَّادِ الأعْمَال، خَاصَّةً الشَّبَاب، على التَّحَدِّي وَتَقْدِيمِ إضَافَةٍ نَوْعِيَّةٍ لآلِيَاتِ التَّعَاوُن الإفريقيّ .. فَمُنْتدَاكُم هَذَا يُعَزِّزُ الجُهُودَ القَارِّيَّةَ الـمُشْتَرَكَةَ، السَّاعِيَةِ إلى التَّحَوُّلِ بإفريقيا نَحْوَ الانْخرَاطِ فـي السِّيَاقِ الاقتصاديّ التَّنَافُسِيّ العَالمِيّ الرَّاهِن، الَّذي سَيَتَحَقَّقُ لإفريقيا الجَدِيدَة بِتَثْمِينِ ثَرَوَاتِها الطَّبِيعِيَّةِ وَتَرْشِيدِهَا، وَبِمَوَارِدِهَا البَشَرِيَّـةِ الـمُتَـَوِّعَة الهَائِلة .. فَإفريقيا القَوِيَّةُ بِسِيَاسَاتِهَا ..وَبِعَصْرَنَةِ وَنَجَاعَةِ اقتصادِيَّاتِها ..وَبِكفَاءَاتِ وَإبْدَاعَاتِ شَبَابِـهَا، لَيْسَتْ بَعِيدَةً ..وَبَوَادِرُها وَاضِحَةٌ.

أيَّتُها السّيِّدَات .. أيُّهَا السَّادَة.
لَقَدْ قَطَعَتِ الجزائرُ في ظَرْفٍ قَصِيـرٍ، مُنْذُ 2020 أشْوَاطًا مُعْتَبَـرَة لإرْسَاءِ الـمُقَوِّمَاتِ الـمَطْلُوبَةِ لاقْتِصَادِ الـمَعْرِفَة ..فَبيْنَ أيْدِي الرَّاغِبِينَ في الاسْتِثْمَارِ، لا سِيَمَا الشَّبَاب اليَوم، تَحْفِيزَاتٌ غَيْرُ مَسْبُوقَةٍ، لإنْشاءِ الـمُؤسَّسَات الصَّغِيرَة وَالـمُتَوَسِّطَة ..

أدَّتْ بَعْــدَ تَجْرِبَةٍ نَمُوذَجِيَّةٍ قَصِيرَةٍ إلـى مَوْقِعٍ رِيَادِيٍّ فـي إفْريقيا، بِفَضْلِ إصْلَاحَاتٍ اقتصاديَّةٍ شَامِلَةٍ وَجِذْرِيَّة، جَعَلَتْ مِنْ الـمُؤَسَّسَات النّاشئة قَاطِرَةً أسَاسِيَّةً فـي مَسَارِ الإنْعَاشِ الاقتصاديّ، تَحْظَى بمُرَافَقَةٍ دَائِمَةٍ وَتَشْجِيعٍ مُسْتَمِرٍّ، مِنْ أبْرَزِ عَلاماتِهِ اعْتِمَادُ صُنْدُوقٍ خَاصٍّ لِدَعْمِ الـمُؤَسَّسَاتِ النَّاشِئَةِ ضِمْنَ مَنْهَجِيَّةٍ عَامَّةٍ تَـهْدِفُ إلى تَكْرِيسِ أنْمَــاطِ تَمْوِيلٍ مَاليٍّ وَاسِعٍ، لِلْإبْدَاع وَالابْتِكَار وَرِيَادَةِ الأعْمَال.

وَعَلى هَذَا الأسَاس أَوَدُّ أنْ أُعرِبَ عَنْ ارْتِيَاحِي لاخْتِيَارِكُم شِعَارَ ” إعَادَةُ تَصَوُّرِ إفريقيا بِالذَّكاءِ الإصْطناعي ” لِمَا يَحْمِلُ مِنْ رُوحِ الانْسِجَام مَعَ رُؤْيَتِنَا في جَعْلِ التِّكْنُولُوجْيَا الحَدِيثَة أدَاةً لِلْتَّغْيِيرِ الإيجَابِيّ، وَفُرْصَةً للارْتِقَاءِ بِـمُسْتَوَى الحَيَاة في قَارَّتِنَا ..

وَبِالتَّأكِيـدِ فَإِنَّ هذَا الـمُؤْتَمَر يُشَكِّلُ مِنَصَّةً مِحْوَرِيَّةً تَجْمعُ الآلافَ مِنَ رُوَّادِ الأعْمالِ وَالـمُسْتَثْمِرِين وَالـمُبْتَكِرِين لِلْتَّوَاصُل وَتَبَادُل الأفْكار، وَبِنَـاءِ شَرَاكاتٍ استراتِيجِيَّةٍ، تُسَاهِمُ في تَحْوِيلِ التَّحَدِّيَاتِ الَّتي تُواجِهُها قَارَّتُنا إلى فُرَصٍ لِلْنَّجَاحِ وَكَسْبِ رِهَانِ التَّنْمِيةِ الـمُسْتَدَامةِ .. وَهُوَ مَا يَتَوَاءَمُ تَمَامًا مَعَ رُؤْيَةِ إفْرِيقيا 2063 (إفريقيا الـمُوَحَّدَة الـمُزْدَهِرَة وَالـمُسَالِـَمة، الَّتي يَقُودُهَا مُوَاطِنُوهَا، وَتُمَثِّلُ قُوَّةً دِينامِيكِيَّةً في السَّاحَةِ الدَّولِيَّة).

وَإنَّنَا لَنَعْتَقِدُ بِأنَّ الهَدَف مِنْ هَذَا الـمُؤْتَمَر يَتَجَاوَزُ فِكْرَةَ تَنْظِيمِ أَكْبَر تَظَاهُرَةٍ تِكْنُولوجِيَّةٍ فـي القَارَّةِ الإفريقيَّة، فهو يُؤَسِّسُ لِنِظَامٍ بِيئيٍّ مُتَكَامِلٍ يَشْمَلُ التَّكْوِينَ وَالتَّمْوِيلَ وَالاستِثْمارَ في البُنْيَةِ التَّحْتِيَّةِ، وَتَكْيِيفَ البِيئَةِ التَّشْرِيعِيَّة الـمُشَجِّعَة على الابْتِكار ..
وَلَقَدْ وُفِّقْتُمِ في اخْتِيَارِ التَّـرْكِيز على الذَّكَاءِ الاصْطِنَاعي، لِـمَا يُمَثِّلُهُ مِنْ أهَمِّيَّةٍ حَيَوِيَّةٍ في تَشْكِيلِ مَلامِحِ الـمُسْتَقْبَل، الَّذي نَتَطَلّعُ إلَيْهِ بِإرَادَةٍ إفريقيَّةٍ صادِقَةٍ وَقَوِيَّةٍ، تَضْمَنُ لإفريقيا أنْ تَكُونَ اليَوْم قَبْلَ الغَد، جُزْءًا فَاعِلًا فـي التَّحَوُّلاتِ العَالمِيَّةِ، وَمُوَاكِبَةً بِجَدَارَةٍ للاقْتِصادِ العَالَميّ.

​أشْكُركُم على حُسْنِ الإصْغَاء، وَأُعْلِنُ عَنْ الافْتِتَاحِ الرَّسْمِي لِلْطَّبْعَة الثَّالِثَة لِلْـمُؤْتَمَر الإفريقيّ للـمُؤَسَّسات النّاشِئَة

وَالسَّـلام عَليكُم وَرَحمَةُ الله تَعالى وبركاته

 

Share.

Leave A Reply