📢 أخبار عاجلة
جاري تحميل الأخبار...
📢 أخبار عاجلة
جاري تحميل الأخبار...

في ركنٍ ما من كل بيت، يجلس طالب بكالوريا يواجه العالم وحده، بعينين مرهقتين وقلب يضجّ بالأمنيات، ودفترٍ تتراكم فيه المعادلات والمفاهيم والمصطلحات، لكن تختبئ بين أسطره أحلامٌ أكبر من أن تُختصر في اختبار، وأعمق من أن تُقاس بدرجة .

البكالوريا، كما يعرفها الناس، امتحان نهائي ، أمــّا كما يعرفها أصحابها، فهي أكثر من ذلك بكثير ، إنها لحظة مكاشفة، محكٌ للذات، مرآة لما نحن عليه وما نطمح أن نكونه ، هي بوابة عبور نحو المستقبل، ولكنها أيضاً اختبار صامت للثقة، للثبات، وللمعنى الذي نحمله لحياتنا .

حين يصبح الحُلم هو الدافع لا العبء

في مجتمعٍ يتعامل مع البكالوريا كمعركة مصيرية، يتعرض الطالب لضغطٍ نفسي لا يرحم ، تصبح الدرجة معيار القيمة، وتتحوّل الأحلام إلى رهائن في قبضة الامتحان ، لكن، من قال إن الحلم وُجد ليكون عبئًا؟
الحلم الحقيقي لا يخنق، بل يُلهِم. لا يُثقِل الروح، بل يُنيرها ، الحلم الذي يسكنك يجب أن يكون الجسر، لا الجدار ، لا تجعله قيدًا، بل دافعًا. واسأل نفسك كل صباح: “لماذا أريد هذا الحلم؟فإن كان الجواب حبًا، فسِرْ .

في مواجهة الخوف: لحظة خلق لا لحظة كسر

الخوف ليس عدوًا، بل رفيق الدرب ، هو اعتراف داخلي بأن ما نحن مقبلون عليه مهم ، فكلّ طالب شعر بخوفه يعانقه ليلًا، عليه أن يدرك أن هذا الخوف دليل حياة، لا ضعف ، يكفي أن نُحسن استخدامه، أن نجعله وقودًا لا عقبة .

   ومن المفارقات أن البكالوريا لا تختبر فقط ما تعلّمناه من علوم، بل تختبر ما اكتسبناه من صبر، من عزيمة، من قدرة على مواصلة السعي رغم الانهيارات الصغيرة ، تختبر مدى قدرتنا على تنظيم الوقت، على تجاهل الضجيج، على التصالح مع القلق دون أن ننهار.

لا تسجن نفسك في توقعات الآخرين

كم من طالب فقد إيمانه بنفسه لأنه لم يكن ” الأول ” ،  أو لأنه لم يحقق النتيجة ” المثالية ” لأنه لم يُرضِ تطلعات أسرته ، البكالوريا ليست مسابقة بينك وبين غيرك، بل بينك وبين نسختك القديمة ، أنت لا تُجري سباقًا، بل تُعلن ولادةً جديدة ، لذلك، لا تزن نفسك بميزان الآخرين ، لكلّ منا قصة، وخلف كل نجاح حكاية تعب، وفشل، ونهوض.

أنت أهم من النتيجة

   قد تأتي النتائج بما تهوى، وقد لاتكون ، البداية ممكن أن تأتي كما حلمت، أو قد تتأخر الخطوة ، لكن في كل الأحوال، لا تنسَ: أنت لست مجرد رقم ، أنت إنسان في طور الاكتمال ، وما تعلّمته في هذه الرحلة من صبر، من مرونة، من نضج لا يزول بزوال الامتحان .

  كل الذين غيّروا العالم عبر التاريخ لم يحملوا شهادة بكالوريا واحدة، بل حملوا إرادة لا تهزم   فلا تخف، ولا تنكسر، ولا تفقد نفسك في زحمة الأرقام، وفي نهاية هذا المشوار،لم تكن مقبلاً على ورقة امتحان، بل على حياة ، فاختر أن تعبرها وأنت أقوى، لا لأنك لم تفشل، بل لأنك قررت أن لا تستسلم .

    في البكالوريا، هناك من يُراهن على العلامة، وهناك من يراهن على الإنسان ، فكن أنت الإنسان الذي لا يُقاس بما كُتب في كشف النقاط، بل بما نضج في قلبه من صبر، وبما استيقظ في روحه من حلم .

ولعلّ أجمل ما في هذه الرحلة، ليس أنك بلغت المراد، بل أنك وجدت نفسك في الطريق إليه   .

بقلم : عباسية مدوني -سيدي بلعباس 

Share.

Leave A Reply